• 12/11/1445 | 20/05/2024

وقفات قبل وداع رمضان


أربع وقفات قبل وداع رمضان

 

c وقفات قبل وداع رمضان c 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

فأخي المسلم.. أختي المسلمة..

ها نحن نودع رمضان.. بقي معنا أيام ويرحل.. صحائف طويت وأيام رحلت.

والسعيد من تقبل الله منه واستمر على عبادة مولاه سبحانه وتعالى، وهذا يذكرنا برحيلنا عن

الدنيا يوما من الأيام.

فهلا أسرعنا بالتوبة الصادقة، وعاهدنا الله على السير في الطريق الصحيح، فهذه هي فائدة رمضان كما قال تعالى: ) يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عَلَيْكم الصيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلكم تتقون( (لعلكم تتقون

والآن، نقف وقفات يسيرة في وداع رمضان المبارك نسأل الله تعالى أن ينفعنا بها.

 

 

 

 

الوقفة الأولــــى:

ماذا استفدنا من رمضـــان؟!

ها نحن نودع رمضان المبارك بنهاره الجميل.. ولياليه العــطرة.. وها نحن نودع شهر القرآن والتقوى والصبر والجهاد والرحمة، والمغفرة والعتق من النار.. إلخ. فماذا استفدنا من رمضان؟!

-هل حققنا التقوى.. وتخرجنا من مدرسة رمضان بشهادة المتقين..؟

-هل قرأنا القرآن فيه وتدبرناه وعملنا به ودعونا إليه؟

-هل تعلمنا فيه الصبر والمثابرة على الطاعة وعن المعصية؟!

-هل بينا فيه أنفسنا على الجهاد بأنواعه؟

- وهل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها؟

-وهل سعينا إلى العمل بأسباب الرحمة والمغفرة والعتق من النار.

وهناك أسئلة كثيرة ترِد على النفس. وهل.. وهل.. وهل..

أسئلة كثيرة.. وخواطر عديدة تتداعى على قلب كل مسلم صادق.. يسأل نفسه ويجيبها بصدق وبصراحة.

  • ماذا استفدت من رمضان؟!

إنه مدرسة إيمانية.. إنه محطة روحية.. التزود منه لبقية العام.. لشحذ الهمم بقية العمر.

 

 

 

فمتى يتعظ ويعتبر ويستفيد ويتغير ويغير من حياته من لم يفعل ذلك في رمضان؟

 

 إنه بحق مدرسة التغيير. نغير فيه أعمالنا وسلوكنا وعاداتنا وأخلاقنا المخالفة لشرع الله جل وعلا: ) إنَّ الله لا يُغير ما بقومٍ حتَّى يغيرواْ ما بأنفُسِهِمْ(

الوقفة الثانية:

(ولا تكنوا كالتي نقضت غزلها)

أخي المسلم.. أختي المسلمة.

إن كنت ممن استفاد من رمضان.. واجتهدت في مجاهدة نفسك فيه.. فأحمد الله وأشكره وأسأله الثبات على ذلك حتى الممات.

وإياك ثم إياك من نقض الغزل بعد غزله.

أرأيت لو أن امرأة غزلت غزلاً.. فصنعت بذلك الغزل قميصاً أو ثوباً. فلما نظرت إليه وأعجبها.. جعلت تقطع الخيوط وتنقضها خيطاً خيطاً بدون سبب.

فماذا يقول الناس عنها!!؟

ذلك حال من يرجع إلى المعاصي والفسق والمجون.

ويترك الطاعات والأعمال الصالحة بعد رمضان..

فبعد أن تنعم بنعيم الطاعة.. ولذة المناجاة.. يرجع إلى جحيم المعاصي والفجور..

فاحذروا أحبتي الكرام من أن نكون من عُبّاد رمضان؟

 

فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان.

ولنقض العهد مظاهر كثيرة عند الناس فمنها على سبيل المثال.. لا الحصر.

  • ما نراه من تضييع الناس للصلوات مع الجماعة في أول يوم العيد..
  • فبعد امتلاء المساجد بالمصلين في صلاة التراويح التي هي سنة.. نراها قد قل روادها في الصلوات الخمس التي هي فرض ويكفر تاركها.
  • بالأغاني والأفلام.. والتبرج والسفور.. والاختلاط في الحدائق والذهاب إلى الملاهي رجالاً ونساءً.. وغيرها من الأعمال السلبية المنافية للأخلاق الإسلامية.

وهذا من علامات عدم القبول للعمل والعياذ بالله لأن الصائم حقيقة يفرح يوم العيد بفطره؛ ويحمد الله على إتمام الصيام ويشكره.. ومع ذلك يبكي خوفاً أن لا يتقبل الله منه صيامه كما كان السلف يبكون ستة أشهر بعد رمضان يسألون الله القبول.

فمن علامات عدم القبول للعمل والعياذ بالله لأن الصائم حقيقة.

يفرح يوم العيد بفطره. ويحمد ربه على إتمام الصيام ويشكره.. ومع ذلك يبكي خوفاً أن يتقبل الله منه صيامه كما كان السلف يبكون ستة أشهر بعد رمضان يسألون الله القبول.

 

 

 

 

من علامات قبــــول العمل:

 أن ترى العبد في حال أحسن من حاله السابق..

وأن ترى فيه إقبالاً على الطاعة. ) وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنَّكم(  

أي زيادة في الخير الحسي والمعنوي، فيشمل الزيادة في الإيمان والعمل الصالح، فلو شكر العبد ربه حق الشكر لرأيته يزيد في الخير والطاعة.. ويبعد عن المعصية.

 

الوقفة الثالثة:

)واعبد ربك حتى يأتيك اليقين(

هكذا يجب أن يكون العبد.. مستمر على طاعة الله.. ثابت على شرعه.. مستقيم على دينه.. لا يروغ روغان الثعلب يعبد الله في شهر دون شهر أو في مكان دون آخر.. ومع قوم دون آخرين..

لا.. وألف لا!!

بل يعلم أن رب رمضان هو رب بقية الشهور والأيام وأنه رب الأزمنة والأماكن كلها.. فيستقيم على شرع الله حتى يلقى ربه وهو عنه راضٍ.

قال تعالى: ) فاستقم كما أُمرت ومن تاب معك(  

وقال : ) فاستقيموا إليه واستغفروه(

وقال r : ) قل آمن بالله ثم استقم( رواه مسلم.

 

  • فلئن انتهى صيام رمضان، فهناك صيام النوافل كالست من شوال والإثنين والخميس والأيام البيض وعاشوراء وعرفة وغيرها.
  • ولئن انتهى قيام رمضان فقيام الليل مشروع كل ليلة: ) كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون(.
  • ولئن انتهت صدقة وزكاة الفطر.. فهناك الزكاة المفروضة وهناك أبو اب الصدقة والتطوع وهي كثيرة.
  • وقراءة القرآن وتدبره ليست خاصة برمضان.. بل هي في كل وقت.

 

وهكذا فالأعمال في كل وقت وكل زمان.

فاجتهد في الطاعات.. وإياك والكسل والفتور، فإن أبيت العمل بالنوافل.. فلا يجوز لك أبداً أن تترك الواجبات وتضيعها كالصلوات الخمس في أوقاتها ومع الجماعة وغيرها.

ولأن تقع في المحرمات من قول الحرام أو أكله أو شربه أو النظر إليه واستماعه.

فالله الله بالاستقامة والثبات على الدين في كل حين..

فلا تدري متى يلقاك ملك الموت.. فاحذر.. أن يأتيك وأنت على معصية.

)اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك(

 

 

 

 

الوقفة الرابعة: مع العيد:

فيشرع لك في يوم العيد عدة أمور.. منها:

1- زكاة الفطر قبل الصلاة.. وهي صاع من شعير أو تمر أو أقط أو زبيب أو أرز أو نحوه من الطعام عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين.

2- أكل تمرات وتراً قبل الذهاب إلى مصلى العيد.

3- الصلاة مع المسلمين وحضور الخطبة.. والنساء يشهدن العيد مع المسلمين.

4- أن تذهب إلى المصلى ماشياً- إن تيسر – فتكبر الله من حين خروجك من المنزل إلى أن تصلي فيجهر الرجال (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر ولله الحمد)

5-يستحب الاغتسال والتطيب للرجال ولبس أحسن الثياب بدون إسراف ولا إسبال، ولا تزين بحلق اللحية فهذا حرام.

أما المرأة فلا تتبرج ولا تتطيب في ذهابها إلى المصلى فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيب أمام الرجال.

6-صلة الرحم وزيارة الأقارب وتصفية القلوب وتطهيرها من التباغض والتحاسد والكراهية.. وغيره.

7- العطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم في جميع بلاد المسلمين.

 

 

8- لا بأس بالتهنئة بالعيد كقولك: تقبل الله منا ومنك كما ورد عن السلف والله أعلم.

9- وإذا انتهى يوم العيد فبادر إلى القضاء إن كان عليك أيام وإلا فبادر إلى صيام الست من شوال فصيامها مع رمضان كصيام الدهر كما في صحيح مسلم.

وختاماً:

ينبغي أن تحرص على أعمال البر والخير، وأن تكون يوم العيد بين الخوف والرجاء. تخاف عدم القول.. وترجو من الله القول، وتذكر يوم عيدنا يوم الوقوف بين يدي الله عز وجل فمنا السعيد ومنا غير ذلك.

مر وهــيب بن الورد على أقوام يلهون ويلعبون في يوم العيد فقال لهم:

(عجباً لكم.. إن كان الله قد تقبل صيامكم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان الله لم يتقبله فما هذا فعل الخائفين).

فكيف لو رأى ما يفعله أهل زماننا من اللهو والإعراض..

بل مبارزة الله بالمعاصي يوم العيد؟

أسأل الله رب العرش العظيم أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا وكل أعمالنا.. وأن يجعل عيدنا سعيداً)

وأن يعيد علينا رمضان أعواماً عديدة.. ونحن في حال أحسن من حالنا.. وقد صلحت أحوالنا.. وعزت أمتنا.. وعادت إلى ربها عودة صادقة. اللهم آمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. والحمد لله رب العالمين.

اختر لون تصميم الموقع